رجل المسرح الثوري محمد بودية

الروح الوطنية

نائب المشرف العام
طاقم الإدارة
محمد بو دية (1932 - 1973) مقاتل ثوري و مسرحي و صحفي جزائري انخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

ولد يوم 24 شباط1932 في حي الباب الجديد (من أحياء القصبة العليا) في الجزائر العاصمة.

بعد تلقي تعليمه ، تأثر بالتيار الوطني الإستقلالي ثم اهتم بالمسرح حيث التحق بالمركز الجهوي للفنون الدرامية في عام 1954. هاجر بعد اندلاع الثورة إلى فرنسا و انضم إلى فيدرالية جبهة التحرير هناك، شارك في عدة عمليات فدائية جرح في إحداها عام 1956، كانت أكثر عملياته شهرة هي تفجير أنابيب النفط في مرسيليا يوم 25 آب1958 م التي قبض عليه بسببها و حكم بالسجن 20 عاماً . نجح بالهروب من السجن عام 1961 م و لجأ إلى تونس. عمل في فرقة المسرح التابعة لجبهة التحرير الوطني، و في كانون الثاني عام 1963 ، أصبح مدير الإدارة للمسرح الوطني ، أول مسرح أقيم في الجزائر بعد الاستقلال . أسس جريدة "نوفمبر" و "الجزائر هذا المساء".


فكره الثوري

كان محمد بودية متأثراً بالأفكار الاشتراكية دون أن يعتنق الفكر الشيوعي، و خلال إدارته للمسرح الوطني أرسل العديد من رسائل التأييد إلى حركات التحرر في العالم يؤيدهم في ما يفعلون و يبرز لهم المثال الناجح لثورة الجزائر التحريرية، في 17 تشرين الأول 1964 يوجه رسالة تنديد إلى سفارة اسبانيا بالجزائر يدين فيها محاكمة مجموعة "ساندوفا"، راسل وزير العدل الإسباني في 28 كانون الأول 1964 من أجل إطلاق سراح الشاعر كارلوس لغريزو المدان من طرف محكمة عسكرية خلال دكتاتورية فرانكو، كان صديقاً أيضاً لأهل المسرح الكوبي و قاموا بزيارات متبادلة، قرر تخصيص مذاخيل الموسم الصيفي للمسرح عام 1964م دعماً لكفاح الشعب الفلسطيني.
كان محمد بودية وثيق الصلة بالرئيس أحمد بن بلة، لذلك عارض بشدة حركة التصحيح الثوري التي قامت في 19 حزيران 1965 بقيادة العقيد هواري بومدين، و غادر الجزائر نحو فرنسا .
 
علاقته بالقضية الفلسطينية

بدأت علاقة محمد بودية المباشرة بالقضية الفلسطينية في كوبا خلال لقائه وديع حداد المسؤول العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و قرر بعد هذا اللقاء وضع خبرته السابقة خلال الثورة الجزائرية في خدمة النضال الفلسطيني، و لتنمية قدرته قرر الانتساب إلى جامعة باتريس لومومبا في موسكو (جامعة الكي جي بي) و هناك تدرب على مختلف التقنيات التي لم يكن يعرفها، تعرف في موسكو محمد بودية على شاب فنزويلي متحمس للنضال ضد الإمبريالية في العالم، كان هذا الشاب هو كارلوس (ابن آوى) و لم يجد محمد بودية صعوبة في تجنيده لصالح القضية الفلسطينية، كما نجح في إقناع كثيرين بعدالة قضية فلسطين و ساهموا بخبرهم في دعم النضال.
عاد محمد بودية إلى باريس في مطلع السبعينيات بصفته "قائد العمليات الخاصة للجبهة الشعبية في أوروبا" و إتخذ اللقب الحربي "أبو ضياء" . كان أول عمل قام به هو التنسيق مع الجماعات اليسارية الأوروبية مثل الألوية الحمراء الإيطالية، مجموعة بادر ماينهوف الألمانية، الجيش الأحمر الياباني، ثوار الباسك، الجيش الثوري الأرمني . وجد محمد بودية نفسه في ميدان يعشقه بشدة، كان المدبر الرئيسي لجميع عمليات الجبهة الشعبية في أوروبا في مطلع السبعينات كما ذكرت تقارير المخابرات الفرنسية و البريطانية و السي آي أيه و الموساد . و مع ذلك ، لم يثبت ضده أي دليل يدينه، و كانت المخابرات الفرنسية حائرة بشدة في أمره حيث كان يبدو عادياً جداً في النهار و مشغولاً ببروفات مسرحية برفقة ممثلين، لكنه كان رجلاً آخر في الليل.
عملياته

من عملياته الكثيرة: التخطيط لإرسال 3 ألمانيات شرقيات إلى القدس لتفجير عدة أهداف إسرائيلية و قد كشفت العملية فيما بعد، خطط أيضاً لتفجير مركز "شونو" بالنمسا و كان مركز تجمع ليهود الإتحاد السوفياتي المهاجرين إلى إسرائيل، خطط أيضا لتفجير مخازن إسرائيلية و مصفاة بترول في روتردام ب هولاندا، و أهم عملياته الناجحة على الإطلاق هي تفجير خط أنبوب بترولي بين إيطاليا و النمسا في 5 آب 1972 م، مخلفا خسائر قدرها 2,5 مليار دولار و ضياع 250 ألف طن من نفط ينتجه العرب و يستغله أعدائهم. محمد بودية الذي كان معارضا لنظام هواري بومدين رحمه الله و يقال أنه كان يخطط لتحرير أحمد بن بلة ، رفض عروضا عديدة للعمل رفقة الأمن العسكري (المخابرات الجزائرية آنذاك) التي كان أيضاً يخوض حرباً شرسة أخرى ضد الموساد ، بودية المعتز كثيراً بحرية حركته سمحت له أيضاً بتقديم العون لمنظمة أيلول الأسود التابعة لفتح، و من نتائج هذا التعاون هي مشاركته في عملية ميونيخ أثناء الأولمبياد عام 1972م، و كان دوره هو استضافة أفراد الكومندوس الفلسطيني قبل العملية ثم تهريبهم و إخفائهم بعدها، محمد بودية كان أيضاً صديقاً مقرباً لعلي حسن سلامة مسؤول أمن عرفات (القوة 17) و كان دائماً ينزل عنده عندما يزور بيروت.
 
اغتياله

في أعقاب عملية ميونخ الشهيرة ، أمرت غولدا مائير الموساد بتنظيم عمليات اغتيال قيادات فلسطينية في جميع أنحاء العالم، كعملية شارع فردان في بيروت عام 1973م و اغتيال فلسطينيين في باريس مثل محمود الهمشري و وائل زعيتر إضافة إلى باسل الكبيسي ، محمد بودية أدان الاغتيالات عبر إعلانات نشرت في جريدة "لوموند" الفرنسية و وقعت عليها شخصيات عديدة منها يهود، و دفع هو ثمن الإعلانات، و كان يعلم جداً أنه هو أيضاً مستهدف، لذلك كان شديد الحرص، لذلك خطط الموساد لاغتياله بتجنيد يهود فرنسيين يعملون في مديرية أمن الإقليم dst ، و تم زرع لغم ضغط تحت مقعد سيارته الرونو 16 الزرقاء اللون ، و سقط محمد بودية شهيداً لما هم بركوب سيارته في صباح 28 حزيران1973 أمام المركز الجامعي لشارع فوس برنار في باريس .
تولى القاضي جون باسكال التحقيق و لم يتوصل إلى أية نتيجة .

تكريمه

و تقديراً للرجل و رغم كونه معارضاً، سمح الرئيس هواري بومدين بدفن جثمانه في مقبرة القطار بالجزائر العاصمة. و يذكر أيضاً أن أبا داود (محمد عودة) قائد كومندوس عملية ميونخ التابع لمنظمة أيلول الأسود، عندما أطلق سراحه من فرنسا عام 1977م بوساطة جزائرية، أول ما قام به هو زيارة قبر الشهيد محمد بودية للترحم عليه ، أما "كارلوس" الذي خلف بودية في منصبه فقد سمى عمليتي مطار أورلي بباريس عام 1975م ضد طائرات العال الإسرائيلية بإسم "عملية الشهيد محمد بودية" .
 
عودة
أعلى