الدكتور زرهوني، ممثل أوباما للعلم والمعرفة لـ"الشروق"
تقدمت بطلب عمل في الجزائر فطلبوا مني إعادة الدراسة
تقدمت بطلب عمل في الجزائر فطلبوا مني إعادة الدراسة
الدوحة - ياسين بن لمنور
الدكتور الياس زرهوني رفقة مراسل الشروق
أنا أول من أدخل السكانير إلى الجزائر لعلاج الراحل بومدين
لا أهتم بأي منصب في الجزائر وكل همي البحث العلمي
متواضع لأبعد الحدود، لم يرفض دعوة الشروق اليومي لمحاورته رغم أجندته المليئة بالمواعيد.. تحصل على الجنسية الأمريكية وأدار أكبر وأرقى معهد للطب في أمريكا بمباركة الكونغرس والرئيس بوش، لكنه ظل وفيا لمبادئه، مثل كل الجزائريين، تابع بجنون مشوار المنتخب الوطني وفرح لانتصاراتهم واستاء للظلم الذي تعرضوا له..
حاول أن يعمل بالجزائر لما أنهى دراسته، لكن للأسف طلبه قوبل بالرفض، لأن الشهادات التي تحصل عليها في أمريكا أقل مستوى من الشهادات الجزائرية!! هناك من يصفه بطبيب الرؤساء، لأنه شارك في علاج الراحل بومدين وبعده الأمريكي رونالد ريغان.. إنه الدكتور الياس زرهوني ممثل أوباما للعلم والمعرفة التقته "الشروق اليومي" بالدوحة القطرية في جلسة جزائرية خالصة، وهذا أياما قبل أن يتوجه للجزائر كمبعوث من قبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
الكثير في الجزائر يفتخر بالدكتور إلياس زرهوني، لأنه سفير للعلم والمعرفة والعلوم للرئيس الأمريكي أوباما، لكنهم لا يعرفون من هو الياس الشخص؟
الياس زرهوني جزائري من مواليد الجزائر، وقد درست في الجزائر العاصمة، و كان والدي مدرس رياضيات وكانت عائلتنا تعتبر الدراسة أهم شيء بالنسبة لأبنائها.. درست في الجزائر بثانوية الأمير عبد القادر وحصلت على شهادة البكالوريا. وحصلت على منحة لمواصلة الدراسة في الخارج واقترح علي إكمال دراستي إما في فرنسا أو السويد أو الولايات المتحدة الأمريكية، ولم أكن أتقن الإنجليزية، لأنني درست بالعربية والفرنسية فقط، ولكنني طلبت الدراسة في الولايات المتحدة، وهناك أجريت اختبارات معادلة الشهادة، وهكذا ذهبت للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية ولم يكن في نيتي الاستقرار هناك، بل خططت لإنهاء دراستي هناك، ثم العودة إلى الجزائر..
لكنك مكثت بأمريكا؟
ج: لقد درست تخصص طب الأشعة وتفوقت وانتقلت إلى مركز للبحث في جامعة "جون هوبكنز" التي تعد رائدة الجامعات عالميا في مجال الطب وكان ذلك عام 1975، وقد نجحت لأنهم في أمريكا يمنحون الترقيات والمناصب بحسب الكفاءة وليس بالنظر إلى أصولك أو دينك، بل يقيمونك على أساس كفاءتك من عدمها، وهل أنت قادر على تقديم الجديد، وركزت أبحاثي على السرطان مع اعتمادي على جهاز السكانير الذي كان حديثا نسبيا أنذاك، وهكذا أصبحت طبيبا في جامعة "هوبكنز" ومختصا في جهاز السكانير، وفي عام 1978 كنت لاأزال أعمل في مركز الأبحاث في جامعة "جون هوبكينز" وحضرت إلى الجزائر وقيل لي حينها أن الشهادة التي حصلت عليها في الولايات المتحدة الأمريكية لا تساوي شيئا، وأنها غير معتمدة في الجزائر، لأن دراستك لا تتوافق مع المنهاج المدرس في الجزائر، وأن علي الخضوع للاختبارات الجزائرية حتى يكون لي الحق للعمل في الجزائر، فقلت لهم إنني موافق على اجتياز الاختبارات، لأنني لم أكن أطلب أي معاملة تفضيلية أو "مزية".
ثم ماذا حدث لك بالضبط؟
في تلك الفترة بالضبط أصيب الرئيس الراحل هواري بومدين -رحمة الله عليه- بمرضه وكان بحاجة إلى إجراء كشف بالسكانير وهو الجهاز الذي لم يكن متوفرا في الجزائر، وأجرت السلطات اتصالات بالولايات المتحدة وألمانيا من أجل استقدام جهاز سكانير لإجراء الفحوصات للرئيس هواري بومدين، لكن الرد كان سلبيا. وصادف أن وزير الصحة أنذاك كان يعرف طبيبا اختصاصيا في الأشعة سأله عن الطبيب القادم من أمريكا، أي عني، وهل بإمكاني تدبر أمر إحضار سكانير، وفعلا تم الاتصال بي وأجبت أنهم إن أرادوا فبإمكاني إحضار جهاز سكانير خلال 24 ساعة، ولم يأخذوني بمحمل الجد ولكنهم طلبوا مني المحاولة، وبالفعل أجريت مكالمة هاتفية مع زملائي بمركز الأبحاث في جامعة "هوبكينز"، وكنت حينها رئيسا لوحدة السكانير وطلبت منهم إرسال جهاز سكانير لفحص الرئيس بومدين، واستجابوا لطلبي، فتم إرسال الجهاز عن طريق الطائرة، ووصل الجهاز وقمت بنفسي بإجراء الفحوصات للرئيس هواري بومدين رحمه الله، وبعدها ولما أتممت دراستي وأبحاثي في جامعة "جون هوبكينز"، وحان موعد عودتي إلى الجزائر لم تكن الظروف مناسبة وتسمح لي بالاستفادة الكاملة مما درسته ومواصلة أبحاثي.
تم تعيينكم من قبل مديرا للمعاهد القومية للصحة بأمريكا، كيف كانت هذه التجربة؟
حتى تكون مديرا لهذا المعهد لا بد أن تحظى بثقة عمياء من الكونغرس والرئيس الأمريكي، الأمر لم يكن سهلا يومها، كما أني لم أفكر بتاتا في أن أكون رئيسا لهذا المعهد.. لقد قام مستشارو الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بترشيح ثلاثة أطباء، أمريكيين وأنا، ولما اطلع بوش على القائمة سأل عني وكيف درست، فقيل له أن زرهوني درس في الجزائر، ثم واصل في أمريكا، وكنت يومها قد استفدت من الجنسية الأمريكية حتى أواصل بحوثي الطبية، واختار بوش شخصي، وقال لمستشاريه هذا الرجل بنى نفسه بنفسه واستطاع أن يحقق كل هذا وهو في أمريكا وبالتالي هو من سيكون مديرا للمعهد.
لكن اختيارك لاقى معارضة شديدة من الكونغرس يومها؟
طبعا.. والأمر بسيط، لأن جزائري أصبح مديرا لأحدث معهد ولم يتحصل على الجنسية إلا مؤخرا، فمن حقهم التحفظ، لكن الأمور سرت فيما بعد على أحسن ما يرام.
جورج بوش، قال أنك مؤهل بشكل جيد لإدارة المؤسسة التي تتوسع باستمرار في ظروف الفرص الجديدة، واحتياجات الدفاع البيولوجي الملحة، هل تعتز بشهادة جورج بوش؟
هي شهادة تخص البحث العلمي، وكل ما له علاقة بالبحث العلمي أعتز به، بغض النظر عن باقي الأمور.
وكيف كانت علاقتك مع بوش الرئيس؟
عادية جدا، فأنا باحث علمي، كل همي إكتشاف امراض جديدة وتطوير بحوثي، وبوش كان يقدر هذا، أما إذا كنت تقصد السياسة فصدقني لا باع لي فيها، لأن جل وقتي مكرس للبحوث العلمية.
توليكم هذا المنصب كان في ظروف ازدياد أهمية عمل هذه المؤسسة الحيوية بسبب التهديدات الإرهابية البيولوجية؟
هذا كان تحديا بالنسبة لي، والحمد لله أني وفقت في المهمة..
بعدها تم تعيينكم كمستشار للعلوم والتقنية لدى العالم الإسلامي رفقة الدكتور المصري الزويل، هل هي شهادة ثانية لشخصكم، أم تكليف؟
الرئيس أوباما التقيت به مرارا لما كنت مديرا للمعهد وكان سيناتورا، فكم من مرة كان يطلب مقابلتي من أجل استشارتي في أمور علمية، فهو رجل يهتم كثيرا بالبحث العلمي وبالعلوم والمعرفة.
هذه المرة نال موافقة كبيرة من الكونغرس الأمريكي؟
لا، تعييني كممثل لأوباما لم يمر هذه المرة على الكونغرس، ولو أن الكونغرس أصبح يعرف من هو الياس زرهوني بعد أن أدرت المعهد القومي للصحة.
هل لك طموحات سياسية داخل بلدك؟
أبدا، كل ما يهمني هو تطوير البحث العلمي، لا أريد لا مكانة سياسية ولا منصبا، همي الوحيد البحث، ثم البحث وبعده البحث.
هل سبق وأن نلت تكريما من الجزائر نظير جهودك العلمية؟
كُرّمت في فرنسا، و في أمريكا وبعض الدول بأوسمة، كما زرت الجزائر سابقا وكانت زيارة رائعة (لم يفهم السؤال).
أقصد بالتكريم، هل نلت وساما مثلا مثلما ناله اللاعب الفرنسي من أصول جزائرية زين الدين زيدان؟
لا، لكن هذه الأمور لا تهمني..
كعالم، ما الذي ينقص الجزائر حتى تصبح بلدا متقدما؟
لا بد من التخلص من البيروقراطية وتحسين مكانة الباحث العلمي وتوفير كل السبل لإتمام بحوثه وتشجيعه، فالعالم تقدم ولابد من تقدم الإمكانات، ولابد أيضا من وضع مخططات لتطوير ذلك.